الرحيل وراء الكلمات : د.مازن المبارك - موقع أدب عربي -->
موقع أدب عربي موقع أدب عربي

جديد الموقع

الرحيل وراء الكلمات : د.مازن المبارك


ولّما كنت أحبّ أن أعيش مع اللغة أكثر مما أعيش بين الناس، وأهوى أن أعاشر المفردات أكثر مما أهوى أن أعاشر الأفراد، فقد رحت أرحل وراء بعض الكلمات الراحلة أو المهاجرة، أتعرّف منها قصصَها ومسيرةَ رحلتها وآثارَ هجرتها.
وطالما بِتُّ أستمع إلى قصّة كلمة تقصّ عليّ فيها رحلتها من موطنها، وتنقّلها بين البلدان..، فأصغي وأتحرّك وأرحل وأسجّل ما أسمعه وما أشاهده وما أحسّ به... صدّقوني أن الكلمة عندي كالإنسان؛ إنها ذات جسد، ذات جسم، ذات أعضاء، إنها ذات روح، ذات معنًى، ذات حياة، ذات حركة، بل ذات حركات تنتقل خلالها زمانًا ومكانًا ودلالة.
وذلك كلّه عندي معنًى من معاني قولنا: إن الكلمة كائن حيّ، أصلها جذرها، وتناسلها الاشتقاق منها، وجسدها بنيتها وصيغتها، وأعضاؤها حروفها، وروحها معناها، وحركتها تطوّر دلالتها وتغيُّرُ معناها بين بلد وبلد، أو بين عصر وعصر.
إن لبعض الكلمات عندي سيرة ذاتيّة لا تقلّ روعة عن سيرة بعض كبار الأدباء، بما مرّ في حياتها من أحداث، وبما مرّت به من مغامرات، وبما تركته في سامعيها أو قارئيها من آثار وانطباعات.
سبحان من غرس في كل نفسٍ هواها، وجعل هواي في صَبايا لغتي، وكل كلمات لغتي صبايا، وكم من كلمة مرّت عرَضًا في نصّ أدبٍ أو بيت شعرٍ وقفتني، لفتتني، شدّتني، أسرتني، سحرتني:
لهوى النفوس سريرة لا تُعلم

عرَضًا نظرت وخلت أني أسلم!

عن الكاتب

Adab Multzem

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

موقع أدب عربي